مَرَضي
ق . ق ~ مَرَضي
الكاتب ~ محمد زكي ~ يكتب...
««««««««««««««««««
مَرَضي
عندما أصابني المرض، كنت أظن أنه سيبقى بجانبي. تخيلت ليالي هادئة بكلماته اللطيفة التي كان يخدرني بها عندما كنت في قمة جمالي وقدرتي، والتي يقولها الآن لكل من يصادفه من الغرباء. انتظرت يديه الباردتين تلطفان جبيني المحترق، وتخيلته بجانبي يراقب نبضي وتنفسي ويحرم القلق النوم من عينيه حتى يطمئن على حالي. نعم، أحلام وردية باردة، وكأنني لا أعرف ما سيحدث، وكأنني لم أذق قسوته من قبل.
لكن، بالرغم من كل ذلك، جاءت ردود أفعاله صادمة، وفاقت قساوتها كل وساوس الشيطان في عقلي. كان يتنهد مع كل سعال، ويعبس عندما لم أستطع النهوض من السرير، ويتجاهل الرد عليّ متظاهراً بالنوم أو عدم سماع صوتي. تأففه من صوت تنفسي وأنيني الذي يمنعه من النوم كان يؤلمني، ومع ذلك لم ينسَ أن يلومني على مرضي. "لماذا أنتِ دائمًا مهملة في نفسكِ هكذا؟ انظري إلى ما حدث لكِ، أنا من يعاني الآن بسبب إهمالكِ." قال ذلك وهو يقف عند باب الغرفة دون أن يخطو داخلها، وعيناه لم تريا معاناتي؛ كانتا منشغلتين بحساب خسائره.
كان كل يوم يقيس ما لم أعد أستطيع أن أقدمه. الوقت، الطاقة، العناية—كلها تتلاشى في مخيلته، بينما كنت أكافح لأتنفس. "لقد دمرتِ كل شيء"، تمتم وهو يتجول في الغرفة، "أنا أستحق أفضل من ذلك."
عندما غادر ظلّه الثقيل الغرفة، أدركت الحقيقة التي تهربت منها مراراً. المرض الحقيقي لم يكن مرضي والذي أصابني حديثاً، بل كان مرضه هو، ينمو بهدوء وثبات في المساحة التي كان يجب أن يملأها الحب. وبحلول الوقت الذي شُفيت فيه، كان قد رحل بالفعل، غارقاً في مرارته، بعد أن تأكد أنني لن أعود في المستقبل صالحة كعائل لتطفله ورغباته، ولرفع روحه المعنوية على حساب حريق روحي.
-محمد زكي-
تعليقات
إرسال تعليق