غفران
قصة ~ غفران
الكاتبة ~ الرميساء حرور ~ تكتب..
««««««««««««««««««
غفران
عشر سنوات و هي على هذه الحال تتوجه كل سبت إلى الكنيسة بعد انتهاء الصلوات، تقبل الصليب و تجثو على ركبيتها أمام أيقونة العذراء و هي تتضرع تطلب الغفران. أي ألم هذا الذي لم يشفه تعاقب كل هذه السنين؟ و أي خطيئة تلك لا تزال تمزق أوصال صاحبتها تغرقها في بحر الندم و ترمي بها في جحيم عذاب الضمير حتى لا يكاد ينبلج صبح يوم آخر إلا وتمنت أن تكون في عداد الموتى. عشر سنوات مضت منذ لفت طفلها حديث الولادة في خرقة و حملته في تلك الليلة الدهماء من ليالي ديسمبر نحو التل الذي شيد عليه الدير ،لعل الرب يحميه فتجده أحد الراهبات و تتكفل به إلى أن يشتد عوده. غير أنها عندما شارفت على الوصول سمعت رجالا من أهل القرية يشكون كبير الإقطاعيين و تخلفه عن دفع أجور موسم الحصاد، فبقيت مختبئة بالمقبرة المحادية للدير لمدة غير قصيرة لعلهم يرحلون فتضع طفلها أمام الباب و ترحل، لكن لسوء حظها وصلت عربة مؤونة الشتاء متأخرة بسبب انقطاع الطريق بعد العاصفة الثلجية ،فخرج الرهبان لإفراغ حمولتها ، فآثرت تركه خلف شاهد أحد القبور على أن يفتضح سرها، و عادت أدراجها مثقلة بالهموم و الأسى على قطعة منها لن تفارق فؤادها و لو فارقته . أما هو فلم يستطع جسده الصغير الصمود أمام الصقيع ففارق الحياة مكبلا بالعار كاتما سر أمه و دافعا ثمن الخطيئة تبكيه السماء مزمجرة غاضبة بريح عاصف و برق خاطف.
الرميساء حرور // المغرب
تعليقات
إرسال تعليق