نوال
ق.ق.ج ~ نوال
الكاتب ~ عبدالرحمن مساعد ~ يكتب...
«««««««««««««««««««
نوال
لمحتها هذا الصباح، إنها هي بالتأكيد "نوال". أخبروني عما آلت إليه حالها، لكني لم أتصورها كما هي الآن، كأنها الناجي الوحيد من قنبلة "هيروشيما" الذرية. بجسدها الهزيل تمشي على غير هدى، تترنح قليلًا بثياب قديمة متسخة وشعر أشعث. أغمضت عيني متذكرًا كيف كانت صورتها القديمة، وكيف أصبحت الآن؟
صحيح أنها لم تكن ملكة جمال، لكن براعتها في فن المكياج وتصفيف الشعر، وأناقتها في اللبس، كانت تجعل من يراها يشعر بأنها ملكة. عرائس الحارة خرجن من صالونها بأبهى صورة. دار حولها شباب ورجال كثر طالبين ودها بالحلال وغيره، لكنها لم تسلم نفسها لأي واحد منهم، إلى أن جاء ذات يوم شاب وسيم من حارة أخرى. توسط لديه ولدى أهلها أناس كثر حتى يحظى بها ويتزوجها.
قابلها أخيرًا، وقال لها: "معي لا تخافي، كوني مطمئنة، أنا مع حرية المرأة ونضالها وكفاحها من أجل حقوقها. أنا ضد التسلط الذكوري في المجتمع، أنا غير كل هؤلاء الذين رأيتِهم".
تزوجته، وما كاد شهر العسل أن ينتهي حتى فاجأها ذات صباح بقطعة خرطوم مياه صارخًا بوجهها: "اسمعي، لقد سئمت منظرك بهذه السيجارة، ارمِها، وهذا اللباس بدليه والبسي مثل إخواتي". ردت عليه: "لكننا اتفقنا منذ البداية على ذلك...". ولم تكمل كلامها حتى صرخ: "أنا لا أقدر على مواجهة أهلي ومعارفي والمجتمع من حولي". ومع أول ضربتين من خرطوم المياه، كانت في بيت أبيها مطلقة.
عادت للمشاجرات الليلية مع أخيها الذي اعتاد أن يعود مساءً تحت تأثير المشروب أو المخدرات، ولا يتوانى عن مهاجمة والديه. فتتصدى له كنمرة، وأحيانًا كانت ترميه أرضًا، وأحيانًا تقنعه بأسلوبها فتدخله فراشه كطفل رضيع.
ذات مرة تلقت ضربة على رأسها بقطعة حديد أسقطتها أرضًا وأسالت دمها. بعدها تغير سلوكها وكلامها. تلقت بعض العلاج، لكن حالتها زادت سوءًا إلى أن أصبحت تدور في الشوارع، تحتفظ بالسيجارة وكأس القهوة.
عندما لمحتها هذا الصباح، اقتربت منها وقلت لها: "كيف حالك يا نوال؟ هل تعرفينني؟"
ردت: "أنت! آه، أنت من أحبني. لماذا لم تتزوجني وتركتني لذلك الوحش؟ أنت سبب مصيبتي!". ثم دارت بوجهها ومضت تنفث دخان سيجارتها.
عبدالرحمن مساعد أبوجلال /عمان/الاردن
تعليقات
إرسال تعليق