ضعف
ق . ق ~ ضعف
الكاتبة ~ سمية جمعة ~ تكتب...
«««««««««««««««««
ضعف
من حين لآخر يطرق باب ذاكرتها، يهديها سحباً لا تمطر، ثمّ ينتظر مبتسما بسذاجة رائحة ربيع من عروقها. التقته، لا تدري كيف تزاحمت ذاكرتها بصور رجال لم تكتشف خباياهم قد مروا بجوارها...
لم تدلها بوصلتها على ميناء أي رجل منهم، لم يكن يشبه أحداً ممن عرفت، كان قليل الكلام، عيون ترقب بصمت كل ما يدور حولها، نسجت مخيلتها تفسيرات حوله، تعرّت أمنياتها من بعيد ... حاول استفزاز صمتها وفورة أنوثتها، مرت الأيام تباعا...
ومن بعيد أطلّ نجمه، حاولت التقاط ذاك الوهج، وبحمق أنثوي استجمعت قواها، حاكت عيناها حكاية البوح، فكل نظرة منها كانت كإعلان عن موعد للقاء، لكن متى وأين؟ لا تعرف فحوى ما حصل، ولا قلبها أخبرها، رغم أنها تؤمن بحديثه.
لكن في إحدى المرات خاب ظنها فيه، عندما أوصلها للحظة التي ترجوها، تركها كورقة في مهب الريح.. حين التقته أوّل مرّة في مرسم أحد الفنانين العصاميين. التفت فكاد جبينه يسطع جبينها، سهدتها أنفاسه وفارت أنوثتها لبريق عينيه. تفاجأت أنها تقف وجها لوجه، الجميع انتقلوا للجناح الثاني للمرسم. كان وكأنه على موعد معها.. دفعها غرورها لتركه. لم تقدر على ذلك. غالبت ارتباكها ورعشة جسدها. وعضضت على لسانها خشية التأتأة.!
ها هي تراه من جديد. إنه هو. لم يتغيّر. بكل جوارحها نادته باسمه همسا. تململت كمقيّدة، قررت أن تخبره بتيه الدقائق دونه، بعمق الوجع، دون أدنى اهتمام منه، أو حتى التفاتة، إلا أن برودا مفاجئا جمّدها. لملمت شتات عباراتها التي كانت قد استجمعتها، ودنت منه. استنجدت بصدق عينيه، ببراءة الكلمات، وهي تهطل عليها من سماء قدسية، كانت شفتاها ترتعد وهي في حضرته، حقيقة وجوده، كانت ترغب في حياة تعيشها معه ولو على القليل. لا يهمها المكان، وإن كان ركنا ضيّقا بين غاب وبحر. المهم أن تجد زاوية منيرة في قلبه لتستنشق هواء نقيا. شددت على يديه محاولة أن تقول له: كن معي... .
سحب يده كالمجنون وغادر...
التفتت كمجنونة. قابلتها لوحة لغابٍ زهري بديع، يشقه نهر هادئ غرست فيها أظافرها وغادرت هاربة تشق ضوضاء وصخبا لا تعلم سببه...
سمية جمعة سورية
تعليقات
إرسال تعليق