غرباء



 ق.ق ~ غرباء

الكاتب ~ عادل عبد الله تهامي ~ يكتب..

«««««««««««««««««««


            "    غرباء   "


الليل يرخي سدوله ، ولكن بزوغ القمر أضاء ليلته .

 يقف أمامها كطفل صغير ،فتبتسم وهي ترمق خجله وتلعثمه .

تستعرض جسده الممشوق وصدره العريض وشاربه الكث، فتمص الشفاه

هامسة : يا خسارة.. الحلو مايكملش ..!

يدرك ما يجول بخاطرها فيحاول اثبات

جدارته .

مر في طريقهم عامر الذي بلغت شهرته

خمس حارات وأكثر ، كانت نظرات عامر الساخرة توقظ لديه الفكرة .. تركها وهرول نحوه .. وكزه بقبضة يده .

التفت عامر في دهشة ،ورد له اللكمة

لكمتين وهم بصفع وجهه لولا أنه تجنب

كفه الذي ذاعت شهرته وكثر ضحاياه.

استجمع قوته داخل قبضة يده وسدد

مستقيمة أطاحت بعامر أرضا.

وقفت من بعيد تراقب ، فهمت مغزى

تحوله ، تحركت نحوهما بخوف .. قالت

بنوع من الدبلوماسية: أنتم ولاد حتة واحدة .

مد يده لعامر وساعده على النهوض ،

كظم عامر غيظه ولملم ماتناثر من حقيبته ونظر يمنة و يسرة ، وحمد

الله أن الشارع كان خاليا من المارة .

نظرت نحوه ففهم المغزى .. قبل رأس

عامر معتذرا .

سارت بينهما في فخر وخيلاء .. كانت

تدرك حقيقة نظرات عامر و ما يجول

بخاطره نحوها ولكنها لا تحب أسلوبه

في البلطجة وتحصيل الإتاوات .. 

تميل أكثر لمازن الذي يتكسب من التجارة الحلال .

قالت جدتها : بت الدلالة السبب 

سألت الجدة عن الحقيقة 

ردت الجدة : كان إهمال .. استدعت ماحدث يومها ، وسبق غضبها كلماتها قائلة:

دي موش أم .. إزاي تخليه يمسك جمر النار .. تردف قائلة : وكمان يأكلها ..

حولته من فصيح اللسان لأخرس. 

ماسمعته من الجدة جعلها تغير نظرتها نحوه، أدركت أن  العاهة بفعل فاعل وليست خلقة..!

تساءلت عن الفرق ، واقتنعت بسلامة عقله واتزانه .

مر الثلاثة على حارة الغرباء الذين دنسوا أرضهم.. قال مازن: كانوا حفاة ، عراة .

أشارت لهما على البيوت المميزة باللونين

الأزرق و الأبيض ، و قالت : أتدركون مغزى الألوان ؟!

أومأ مازن برأسه وتساءل عامر عن الإجابة .. حين ذكرت المن والسلوى

ضحكوا جميعا وقالوا معا:

ولاد الفقرية حد يروح للفول والعدس برجليه ..!

تعرفوا إن رزقهم كان من رعي الأغنام في الصحراء.. قال عامر : يعني كانوا كحيتي ورزقهم ضيق ..!

نظرت نحو محلات الذهب المغلقة وهمهمت قائلة:

بقوا الأسياد في بلادنا وكمان طمعوا في الحارة وخيرها ، وموش بعيد يطردونا منها .

  كان عامر يستخرج شفرة موس حلاقة

من جيب قميصه بينما مازن يشمر عن ساعديه فقالت: سنخلط دماءنا معا ونتعاهد أن نكون صفا واحدا حتى نطردهم من الحارة .


عادل عبدالله تهامي السيد علي 

مصر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع