ق.ق ~ أنَّى لي بعِمَامةِ أبي الكاتب ~ منير محمد أحمد~ يكتب... ««««««««««««««««««« أنَّى لي بعِمَامةِ أبي --------------- لا أدري لماذا، كلما لاح لي النيل، سرى في خاطري طيف ذلك اليوم البعيد... كنت طفلًا صغيرًا، بالكاد أُرى حين أنزل إلى قاع القارب الخشبي المصنوع من أضلاع السنط، تلك الشجرة العتيقة التي تعمّر ضفتي النهر. اصطحبني أبي، والقارب يشق بنا عباب الماء فوق صفحة النيل الرقراقة، كأنها مرآة عظيمة ألقيت وسط حديقة مترعة بالألوان. كان أبي، بعمامته البيضاء الناصعة، يبدو لي كملكٍ متوّج على عرش النهر، بما يزخر به من حياة، ويفيض فيه من أسرار. كنا نقصد جزيرة "مسكيت" (MISSKATE) لجلب حِزَم القصب ولفائف اللوبيا التي نعلف بها أبقارنا بعد موسم الحصاد. كان المركب ينزلق فوق الماء كشهابٍ يخترق سماءً زرقاء صافية لا يشوبها غيم، والرياح تشد الشراع بكل ما أوتيت من عزم. أما أبي، فبقبضته المحكمة، كان يمسك بالد...
ق . ق ~ الحمل الوديع الكاتب ~ فاضل العذاري ~ يكتب... ««««««««««««««««« الحمل الوديع منذ اليوم الأول الذي وطأت فيه قدماي أعتاب الجامعة بعيدًا عن مدينتي الأصلية، كانت كلمات أمي المفعمة بالأمل والتشجيع، ترافقني كظلٍّ لا يفارقني، تدفعني دائمًا للمضي قدمًا والسعي نحو التميز والنجاح. ولم أنس أيضًا وصاياها المتعلقة بهشام، جارنا في السكن وزميلي في الكلية، الذي وصفته بأنه شاب بسيط وضعيف الإرادة، أشبه ما يكون بقط أعمى يحتاج إلى من يوجهه نحو الطريق الصحيح. أخذت توجيهاتها على محمل الجد وقررت أن أكون عونًا وسندًا له في جميع الظروف. دعمته ماديًا، وأرشدته إلى المسار القويم من خلال مساعدته باتخاذ قرارات حكيمة، وأبعدته عن الانخراط في النقاشات السياسية التي تُعتبر محظورة في هذه المؤسسة الخاضعة لرقابة صارمة من السلطات خشية من تأثير الشباب المثقف والواعي على الوضع السياسي العام. ولهذا السبب، تم نشر عناصر الأمن السري في مختلف انحاء الجامعة. عندما شعرت برغبته القوية في الوصول إلى المناصب العليا داخل هيكل التنظيم الحزبي، نصحته بضرورة الابتعاد عن الحزب الحاكم وما يتطلبه من ولاء مطلق. فالسعي ...
ق.ق ~ أشواك للبيع الكاتب ~ عبد الرحمن مساعد ابو جلال~ يكتب «««««««««««««««««««« أشواك للبيع أسير وسط الأشواك متعثّرًا، بالكاد أجد متّسعًا لقدمي. وعلى مقربةٍ مني، تكاد غابة الإسمنت تغزوني. سمسار الأراضي، للمرة الألف، يزورني، ويكرّر على مسامعي الجملة التي أكرهها: "يا رجل، بِعْ... بِعْ... بِعْ! كل الناس باعت... ب... ي... ييعععععععععععععععع!" أغمضت عيني على صورة أبي، بجلبابه الرثّ، وعرقه الذي يغطي وجهه، وحبل المخلاة في رقبته، وهي تتدلى على وسطه، معبأةً بحبوب القمح. بهمةٍ وعزيمة، يمشي أمام التراكتور، يملأ يده اليمنى بالحبوب وينثرها. كلماته التي كان يبدأ بها ترنّ في أذني: "اللهم ارزق الطير، وعابر السبيل، والمساكين، وارزقنا من عندك رزقًا مباركًا." شعرتُ بالغصّة، وسقطت من عيني دموعٌ حارّةٌ روت الأشواك، فتحوّلت إلى أزهارٍ ملوّنة. لم تُعجبني. رحتُ أركض نحو دكان السمسار، والأشواك تدمِي قدمي... عبدالرحمن مساعد أبوجلال /عمان/الاردن
تعليقات
إرسال تعليق