هبة
ق.ق ~ هبة
الكاتب ~ د . نبراس سالم ~ يكتب...
««««««««««««««««««««
هبة
عشت عشر سنوات في عزلة مقيتة، فقدتُ شعور الزواج والزوجة، منذ واقعة اليوم الأسود، وهو في غرفة وأنا في غرفة أخرى، تحت سقف واحد لكن المسافة بيننا شاسعة، أخطأت في حقه، ومن منا لا يخطئ، لم يقترب مني، بل يتفادى الكلام معي، يبرر قطيعته لي بالخشية من سماع الكلمات الجارحة التي انطلقت من فمي، (القذر) كما يصفه، يوما ما عنوة.
لم أعد أكترث بالعشرة الزوجية، أهملت نفسي ودب اليأس في روحي مبكرا قبل سني، بعد أن فشلت كل محاولات التقرب والتراضي.
فاجأني في خلوتي، تسلل وتغطى بشرشفه معي، دون إنذار وبلا سبب عاشرني، بعدها مباشرة هجرني، مكافأته لي كانت ولادتك بعد تسعة أشهر، رفض الأطباء والشيوخ عملية الإجهاض، كانت الموانع الشرعية والطبية أقوى من محاولاتي التخلص من الجنين.
من المستشفى مع أبنائي، أحاول التستر على فضيحتي وفضيحتهم، عجوز تقترب من الخمسين، وتلد!، ستحتل صورتي كل مواقع التواصل الاجتماعي والتلفزيوني، خرجت، على مسؤوليتي دون موافقة الكادر الطبي، كانوا يخافون عليّ وعلى الوليد بسبب كبر سني من مضاعفات مستقبلية محتملة، أكابر على نفسي متحدية خشونة المفاصل، أركض ومعي طفل عمره ساعة خديج من حضانته إلى البيت.
خوفا من فضيحة الحمل والولادة؟ أم لأخفي طفلي المصاب بمتلازمة داون من أعين الناس؟
بعد كفاحي للحفاظ على زوجي وزواجي من ذنب أرتكبه، في محاولة إرضاء شخص واحد، أصبحت أحارب الناس جميعاً لذنب لم ارتكبه، دفاعاً عنك، أول الناس كانوا إخوتك، سمعتهم يخططون لخطفك وتركك على باب جامع أو ملجأ للأيتام، حرمتني خطتهم النوم أيام خوفا من فقدانك.
هل كنتُ هدية من أبيك لي، أم انتقاما، اختلَّت معتقداتي بوجودك، نعمة كنت لي أم نقمة؟ تركك والدك في أحشائي ليعذبني بقية عمري بك، أم تركك سلوتي في وحدتي بعده.
عيون من حولي، تذبحني، ترميني بسهام التهمة بعد التهمة، أكان لزاما عليك الحمل؟ هل أنت صغيرة على هذه الأفعال، ألا تعرفين خطورة الحمل على العجوز، ألم تسمعي بموانع الحمل؛ أم سهام التنمر عليك وعلى تصرفاتك.
نقمة أبيك خير نعمة، هجرنا كل من حولنا، هربوا من مسؤوليتهم في رعايتي، تثاقلت أعباء رعاية أم كهلة مصابة بعجز الكلية.
-ومنغولي.
لا تقل على نفسك هكذا، أنت أجمل وأذكى من نصف سكان المعمورة، من مثلك وصل إلى ما أنت عليه اليوم، تنافس من هم أكبر منك، تتبرع لي بكليتك، تترك لي في جسدي جزءا منك، بعد أن كنت في داخلي بالكامل.
عندما نخرج من المستشفى بسلامة، سنخوض معا حربا أخرى، دفاعاً عن قرارك بالتبرع بكليتك لي.
د. نبراس سالم
بغداد
تعليقات
إرسال تعليق