نجم مضيء

 قصة ~ نجم مضيء   

الكاتب ~ عبد الغني تلمم ~ يكتب...

~~~~~~~~~~~~~~~

نجم مضيء                          🍁🍁🍁

"سيد مراد.. أنت في حالة متقدمة من السرطان. الأمل في الله كبير لكن أغلب الحالات لا تتعدى الثلاثة أشهر.. آسف لكن من واجبي أن تعرف الحقيقة"

رباه! ماذا أسمع؟ مجرد دوخة بسيطة اتضح أنها ورم كبير في المخ. لكني لست مستعدا للموت.. أقصد لدي أحلام و أماني و عائلة أسهر عليها. أيعقل أن ما أراه يحصل للآخرين يحصل لي و أرحل عن أهلي و أحبائي.

في غمرة الأحاسيس المتضاربة طفا شخص واحد في وجداني.. ابنتي الوحيدة سمية. كيف يمنعني الموت من ابتسامتها الصباحية و جريها نحوي كلما رمقتني آتيا من العمل. كيف للحضن أن يصبح ترابا و تذوب الابتسامات حسرات و آهات.

علمت زوجتي بالمصاب الجلل. لم تبك كعادتها و لكنها جلست بلا روح و قد خطفت كل ألوانها. لم أرها تنظر إلي بتلك المودة و العطف حتى أشفقت روحي الراحلة لروحها الباقية.

عيد ميلاد ابنتي السادس كان على الأعتاب، لذا قررنا ألا نخبرها لأني لا أريد إمضاء أيامي الأخيرة في البكاء و النحيب. كانت كل ثانية بقربها كأنها الخلود في الفردوس. رباه! ليس أقسى على القلب من حبيب تسحبه الساعات من بين ثنايا روحك. ليس الرحيل ما ينهكني و لكنه الأسى ألا أرى ابنتي تكبر تتعلم الدراجة تناديني و هي خارجة من المدرسة... 

كانت أيامي الأخيرة في المستشفى. كل شيء فيه أبيض و كأنهم يرغبون أن تأنس بالموت.

غالبا ما يخطئ الأطباء إلا في تنبآتهم بنهايتك. لم أكمل المدة التي افترضوها حتى صدق ظنهم بي.

بعد بضعة أشهر دنيوية حل عيد مولد ابنتي الأول بدوني... من بين الهدايا التي أتتها دبدوب به رسالة من مجهول لا يعرفه غيري كتبها قبل رحيله.. 

"ابنتي وروحي الباقية في الدنيا.. أترين أنا لم أنس عيد مولدك حتى بعد رحيلي و أرسلت لك هديتك.. لا تبكي على فراقي فأنا معك دائما ما دام فيك نبض يدق.. الطريقة الوحيدة لرؤيتك من بين ملايين البشر هي أن تبتسمي.. وحدها ابتسامتك تخترق الآفاق و الحجب.. وحدها ابتسامتك تحيي ذكري و سمعتي في الأرض.. أسعدي أمك و أسعديني.. المحب لك دوما أبوك"

بقي الجميع مشدوها من المفاجأة.. أخذت ابنتي هديتها و راحت إلى النافذة تطالع السماء و تمسح دمعها ثم قالت لأمها.. 

أبي هناك يلمع فابتسمتْ حتى أضاء ما بين السماء و الارض.

الكاتب عبد الغني تلمم / المغرب